باب المقابر، أقدم الأبواب السبعة لمدينة تطوان
الحلقة الثانية من سلسلة أبواب المدينة، هذه المرة مع واحدة من أشهر هذه الأبواب و هي :
2- باب المقابر :
واحدة من الأبواب السبعة التي تتوفر عليها مدينة تطوان، تقع هذه الباب في شمال المدينة العتيقة على الواجهة الشرقية. وتعتبر من أهم أبواب المدينة استعمالا من طرف السكان. فبالإضافة إلى كونها ممرا مهما لساكنة الأحياء الجديدة التي أقيمت منذ بداية القرن ال20م خارج أسوار المدينة العتيقة كحومة الطويلع وحومة كديوت الشجر، الطفالين، بوجراح ... فإنها أيضا ( باب المقابر ) ممر هام لكل سكان المدينة لأنها على مشارف مقابر المسلمين، وبالتالي فهي ممر الجنائز القادمة من الجهة الغربية للمدينة الحديثة وكذا كل المدينة العتيقة. بالإضافة إلى كونها تعرف ازدحاما أيام الخميس من كل أسبوع وأيام الأعياد الدينية من كل سنة، حيث يتم استعمالها من طرف نساء المدينة اللواتي يتوافدن على المقبرة لزيارة ذويهم من المتوفين.
وحسب المؤرخ الأستاذ محمد ابن عزوز حكيم فإن هذه الباب أنشئت في المرحلة السادسة من التوسع الذي عرفته المدينة العتيقة، أي في منتصف القرن 16م. بينما الصورة التي توحي لنا بها هذه الباب هي أنها وليدة الإصلاحات التي شهدتها خلال القرن 18م، خاصة وأنها تقدم لنا تخطيطا ملتويا، فهي من الداخل تبدو بقوسين حديديين يوصلنا أحدهما فقط خارج المدينة نحو المقابر.
ويعتبر اسم هذه الباب اسما عالقا في ذاكرة أهالي تطوان، الذين رغم عوامل الزمن والاحتلال فإنهم عملوا على الاحتفاظ بهذا الاسم. ففي مصادر التاريخ التطواني نجد كل المؤرخين والباحثين في تاريخ المدينة يجمعون على إعطاء هذا النعت لهذه الباب، وتسميتها باسم " باب المقابر " ومنهم نجد المؤرخ العلامة الفضل سيدي أحمد الرهوني في كتابه (عمدة الراوين في تاريخ تطاوين ) كما نجد هذا الاسم في كتاب Les Archives Marocaines في إحدى مقالات M.A.Joly عندما شرع في التحدث عن أبواب المدينة ... ثم نجد الفقيه المؤرخ محمد داود يسمي هذا الباب بنفس الاسم في تاريخه عن مدينة تطوان. نفس الشيء نجده عند أستاذنا محمد ابن عزوز حكيم. ورغم هذا الإجماع فإننا نجد هؤلاء المؤرخين يستعملون أسماء أخرى إلى جانب اسم " باب المقابر " لنعت
هذا المكان مثل اسم " باب سيدي المنظري " الذي ورد في كتاب Marocaines Les Archives إلى جانب الاسم الرئيسي الذي هو " باب المقابر " ونفس الشيء عند الفقيه داود الذي أعطى اسما ثانويا لهذا الباب إلى جانب الاسم الرئيسي " باب المقابر " وهو اسم " باب الربض ". مما يعطي انطباعا على غنى الموروث الطبونيمي لمدينة تطوان ... مما يجعلنا نتساءل عن المعنى المقصود من وراء هذه الأسماء ؟ وما هو الاسم الذي سبق الأسماء الأخرى تاريخيا ؟
عند سؤالي للأستاذ ابن عزوز حكيم ـ متعمدا ـ عن سبب نعت هذا الباب باسم " باب المقابر " جاء رده مستغربا سؤالي " البسيط "؛ فقال: >> لإشرافها على مقابر المسلمين <<!! هنا فقط ندرك لماذا تتجاوز المصادر القديمة والحديثة ذكر سبب تسمية هذا الباب بهذا الاسم. فاستغراب أستاذنا الكبير من استفساري إنما هو راجع في الأساس لمعرفة الجميع في مدينة تطوان وغيرها لسبب إطلاق هذا الاسم على هذا الباب، مما جعل كل من تطرق إلى هذا الباب أن يكتفي بالإشارة إلى قرب الباب من مقابر المسلمين بل محاذاتها لهذه المقابر ...
أما اسم " باب سيدي المنظري " الذي نعتت به بعض المصادر هذا الباب. كاسم يطلق جنبا إلى جنب مع اسم " باب المقابر " فإن مرده هو وقوع مدفـن القائد الغرناطي " سيدي المنظري " مجدد المدينة وباني تحصيناتها قرب هذا الباب على يسار الخارج منها صوب المقابر مما حدا ببعض الناس بتخصيص هذا الاسم لهذا الباب تخليدا وتكريما لذكرى هذا القائد العظيم الذي أعطى للمدينة صفتها الجهادية.
الاسم الثاني الذي أطلق على هذا الباب إلى جانب اسمها، نجد اسم " باب الربض " الذي وكما قلنا سابقا ورد في كتاب " تاريخ تطوان " للعلامة داود. فإننا نجده أيضا عند الأستاذ محمد بن عزوز حكيم، فإن سبب إطلاق هذا الاسم هو أنه في مدينة تطوان العتيقة قسم يسمى بـ "حومة الربض الأعلى " يضم حومات السوق الفوقي والطالعة والخرازين والدباغين وزنقة المقدم. هذا الربض أنشئ في منتصف القرن 16م. وباب المقابر هي الباب الخارجية المتبقية لهذا الربض الأعلى، حيث البابان الآخران اللذان كان يتوفر عليها الربض أصبحا في فترة لاحقة بابين داخليين " الباب الجديد " ويعرف الآن بقوس زنقة المقدم، و" باب السوق " الذي يعرف الآن بقوس السوق الفوقي. وبالتالي فإن الباب الوحيد الذي ظل لهـذا الربض (الربض الأعلى) هو " باب المقابر " ولذلك صار الناس ومعهم بعض المؤرخين وكذا العدول وكتاب الوثائق الإدارية يسمونه " بباب الربض " نسبة إلى الربض الأعلى، فهذا الباب هو منفذه الوحيد خارج المدينة.
ذ. عصام محفوظ
تعليقات
إرسال تعليق