باب النوادر ، أشهر أبواب مدينة تطوان

 الحلقة الثالثة من سلسلة أبواب المدينة، هذه المرة مع واحد من أشهر هذه الأبواب على الإطلاق و هو : 


3 ـ باب النوادر :


  يقع هذا الباب غرب السياج المسور للمدينة العتيقة. ويعتبر الآن أشهر أبواب المدينة على مستوى المغرب، خاصة بعد إقامة سوق السلع المهربة من سبتة المحتلة بالقرب من هذا الباب خارج المدينة العتيقة !!!

  و" باب النوادر " يعتبر أيضا من أهم الأبواب استعمالا من طرف سكان المدينة، وخاصة سكان الأحياء القريبة منها؛ كحي العيون والسانية اللذين يقبعان داخل المدينة العتيقة. وكذلك يُستعمل هذا الباب بكثرة من طرف الراغبين لدخول المدينة العتيقة من سكان الحي الإسباني "الإنسانشي".

  وحسب المؤرخ التطواني ابن عزوز حكيم فإن هذا الباب أنشئ في الربع الأول من القرن 17م (النصف الأول من القرن 11هـ) بعد إنشاء حومة العيون، أي خلال المرحلة التاسعة من التطور الطبوغرافي لمدينة تطوان.

  واسم " باب النوادر " أشهر الأسماء السبعة لأبواب المدينة في تطوان، ونجد هذا الاسم يتردد في كل الكتب التي اهتمت بتاريخ المدينة، فنجده عند الرهوني في كتابه " عمدة الراوين "، وكذا المؤرخ محمد داود في كتابه " تاريخ تطوان ". بالإضافة إلى كون هذا الاسم ورد في كتاب Marocaines Les Archives. نفس الشيء عند الأستاذ ابن عزوز حكيم الذي يسميه أيضا " باب العيون "

  فما هو المقصود بهذا الاسم ؟ أو بمعنى آخر ما معنى هذا الاسم الذي أطلق على هذه البقعة من تطوان العتيقة، ولماذا ؟

  إن أول ما سنشير إليه في محاولتنا للإجابة عن هذه الأسئلة، هو ما يتردد على لسان العامة العارفين بأسرار المدينة حول موضوع تسمية هذا الباب. وهنا سوف نشير إلى قول الأستاذ "محمد امغارة" الذي قال في هذا الخصوص : " سميت باب النوادر لأن عملية الحصاد كانت تقام خارج هذه الباب "  وهذا ما أكده لي الأستاذ الحاج محمد ابن عزوز حكيم رحمه الله في إحدى المرات حيث قال ما مفاده إنه مازال يتذكر عملية الحصاد التي كانت تتم خارج هذا الباب حيث تسمى " درس الزرع " الذي تم حصده، والذي يوضع على شكل النوادر ( أي وضـع القمح على شكل مجموعات قبل درسه ) ومن هنا جاء اسم النوادر لينعت به هذا الباب لكونه يشرف على هذه العملية الموسمية التي تحظى بأهمية قصوى عند سكان المدينة لأهميتها في اقتصاد المنطقة.

  نفس الطرح يدرجه صاحب كتاب الأرشيف ماروكان حيث يقول : " باب النوادر سميت بهذا الاسم لإنه في القديم، وفي وقت الحصاد يجمع القمح على شكل مجموعات في هذا المكان قبل ضربه وهذا ما يسمى بالنوادر جمع نادر " 

    نفس الشيء نجده عند الفقيه الرهوني في كتابه " عمدة الراوين " حيث يقول ما نصه : " باب النوادر سميت كذلك لأنه على يسار الخارج من باب النوادر، كانت فدادين تزرع، ثم يجعل فيها بالصيف أنادر الدارس ولذلك سميت باب النوادر جمع نادر بمعنى أندر " 

  ومن خلال هذا السرد لأهم أقوال العامة والخاصة في شان تسمية هذا الباب يتبين لنا الاتفاق الحاصل بين المؤرخين والباحثين العاملين على جعل تطوان موضوعا لأعمالهم من جهة، والعامة من أهالي المدينة من جهة أخرى حول تسمية هذا الباب أولا وكذلك حول أصل هذه التسمية وسببها ثانيا.

  كما سبقت الإشارة إلى أن الأستاذ ابن عزوز حكيم يورد اسما ثانيا لهذا الباب، هذا الاسم هو " باب العيون " فإن تسمية هذا الباب بهذا الاسم ترجع إلى كونها المدخل إلى حومة العيون، أحد أكبر أحياء مدينة تطوان العتيقة. ومن هنا يتبين لنا أن تسمية الباب أخذت هذا الاسم في إحدى المراحل التي لم يعرف فيها انتشارا واسعا أمام اسم " باب النوادر " حيث يتبين لنا أن اسم الباب صيغ عن طريق ملاحظة موقع الباب وما يشرف عليه، فمن ناحية الداخل كان يشرف على حي العيون فسمي " باب العيون " وفي اتجاه الخارج فإنه يشرف على فدادين الزرع التي تقام فيها صيفا أنادر الدارس (مفرد النوادر) فسمي باسم " باب النوادر " وهو الاسم الذي ذاع صيته به منذ الربع الأول من القرن 17م. وهو تاريخ إنشـاء هذه المعلمة، وهو الاسم الذي تثبت الوثائق أنه كان متداولا بين سكان المدينة منذ القرنين 17 و 18م، فنجد هذا الاسم في وثائق مسجد سيدي بن مسعود الجعيدي المؤرخة في سنة 1138هـ، إذ ورد في لائحة أملاك المسجد اسم " باب النوادر " حيث موضع أحد أملاك المسجد .


ذ. عصام محفوظ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

باب التوت - الباب المفقود في مدينة تطوان العتيقة

ثانوية القاضي عياض صرح تعليمي كبير لعب دورا مهما في الحركة التعليمية بشمال المغرب

باب الرموز، الباب المظلوم في مدينة تطوان