باب الرموز، الباب المظلوم في مدينة تطوان

 نواصل مع سلسلة أبواب المدينة، و هذه المرة مع باب من آخر من أبواب المدينة و أكثرها خصوصية ... و هو باب الرموز .

4 ـ باب الرموز :

  يقع " باب الرموز " جنوب السور المحيط بالمدينة العتيقة، ويشرف على وادي مارتيل وعلى جبال غرغيز. فهذا الباب يتخذ مكانه في أعلى أشهر حدائق مدينة تطوان وهو المعروف بين أهالي المدينة بـ " رياض العشاق " والذي يسمى رسميا بحديقة " المولاي رشيد ". وهذا الباب هو الوحيد في مدينة تطوان الذي يستعمل كطريق السيارات، وخاصة سيارات الأجرة التي تخترقه في طريقنا إلى الحي الإسباني (أي المدينة الحديثة) وهو أمر لا يتحقق لباقي البواب الأخرى، باستثناء بابين آخرين، غير انهما لا يسمحان بمرور السيارات أكثر من 50 مترا في أحسن الأحوال، وهما: باب الجياف وباب السعيدة، اللذان سنأتي على ذكرهما لاحقا.

  وباب الرموز هو أحد أبواب المدينة السبعة، وهو الباب الأول للربض الأسفل بينما بابه الثاني هو " باب العقلة ". ويعود تاريخ إنشائه إلى مرحلة إنشاء حومة الرباط السفلي، أي مع بداية القرن 16م/10هـ ، حيث يؤدي هذا الباب بالداخل منه على المدينة العتيقة نحو الحومات التالية: السويقة، المصلى القديم والملاح، مما يجعل هذا الباب ذو أهمية كبيرة خاصة في مجال تنقلات البضائع والسكان من وإلى المدينة العتيقة.

  ساكنة مدينة تطوان وبدون استثناء تنعت هذا الباب باسم " باب الرموز " نفس الشيء نجده عند كافة المؤرخين الذين جاءت أعمالهم حول مدينة تطوان العتيقة. ومنهم العلامة الفقيه أحمد الرهوني في كتابه " عقدة الراوين في تاريخ تطاوين ". والمؤرخ الأستاذ محمد داود  في كتابه " تاريخ تطاون "، وأيضا الأستاذ الحاج محمد ابن عزوز حكيم، وكذلك نجد اسم (باب الرموز) هو المعتمد عند صاحب كتاب الأرشيف ماروكان.

  فهل هذا الإجماع حول هذا الاسم، يقابله إجماع حول سبب تسمية هذا الباب بهذا الاسم ؟

  عند استفسارنا لغالبية أهالي المدينة عن سبب تسمية هذا الباب ومعنى هذه التسمية كان جواب الغالبية بجهل هذه التسمية، والقلة التي ادعت معرفتها بمعنى هذه التسمية وسببها فإنها حاولت الربط بين اسم الباب وهو (الرموز) بتشديد الميم المضمومة وبين كلمة (الرموز) التي تعني في اللغة العربية الإشارات السرية. مما ترك لدينا غموضا كبيرا حول ما هي هذه الرموز التي يتحدث عنها هؤلاء المتفحصون، وما علاقة تلك الرمـوز بتسميـة هذا الباب ؟ على عكس ما وجدنا عند الناس العاديين في تطوان، فإن الباحثين والمؤرخين يُعطون أجوبة فيها من الحقائق ما هي أقرب إلى التصديق. فالأستاذ أحمد الرهوني يقول في هذا الصدد أن اسم هذا الباب   ينسب لعائلة أندلسية قديمة كانت تمتلك الأرض التي بني عليها هذا الباب. نفس الشيء تقريبا نجده عند " جولي " في كتاب الأرشيف ماروكان حيث يقول أن اسم هذا الباب يعود إلى السيد " محمد الرموز " الذي كانت داره في يمين المكان الذي بني عليه الباب. وهذا الرأي لا يختلف مع الرأي الأول للرهوني بل يكمله. وفي نفس السياق ذكر لي الأستاذ ابن عزوز حكيم أن أصل تسمية هذا الباب جاء من كونه بني فوق أرض كانت في ملكية أولاد الرموز .

  وتبقى هذه الروايات أكثر مصداقية لدينا، خاصة وأنها تصب في سبب واحد وهو تكريم لعائلة أندلسية كانت تمتلك الأرض التي أقيم عليها هذا الباب ، هاته الاسرة التي تدور حولها حكايات عديدة ابرزها تلك التي تحكي عن كيفية مغادرتها المدينة و كيفية استقرارها خاج تطوان و بالضبط في تونس الخضراء .. حيث تجعلنا هاته الحكايات نفك شفرة العديد من طرق عيش العوائل التطوانية في  القرون الماضية و خاصة في ما يتعلق بالحياة الاقتصادية و الاجتماعية لأهالي تطاون الاندلسية ، هاته الحكايات التي سنتناولها بالتفصيل في قادم الأيام و سنخصص لها مقالات منفردة ان شاء الله.

باب الرموز الذي يطل على أجمل و أعرق الحدائق التطوانية حديقة مولاي رشيد ( رياض العشاق) له من الخصوصية المعمارية و الهندسية الشيء الكثير لكنه من اكثر الابواب تعرضه للاهمال رغم شغله وظيفة مميزة و هي انه الوحيد الذي يسمح برور وسائل النقل العمومية و الخاصة من و إلى المدينة العتيقة لتطوان .

تبقى أسماء الأماكن في تطوان بالمملكة المغربية خزان كبير و مفتاح مهم لفهم الحياة و الاحداث التاريخية الكبيرة التي عرفتها المدينة بصفة خاصة و المنطقة بصفة عامة.

ذ. عصام محفوظ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

باب التوت - الباب المفقود في مدينة تطوان العتيقة

ثانوية القاضي عياض صرح تعليمي كبير لعب دورا مهما في الحركة التعليمية بشمال المغرب